كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



(2) رَوَى أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ لِلْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً.
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ تَنْطَبِقُ عَلَى الْآيَةِ أَيْضًا وَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي حَالِ كَوْنِ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى إِلَّا فِي قَضَاءِ كُلِّ فُرْقَةٍ رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِيَتِمَّ لَهَا رَكْعَتَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَأْتِيَانِ بِالرَّكْعَتَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ لِأَجْلِ الْحِرَاسَةِ، وَأَمَّا فَرْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى فَرَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ تُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقْطَعَ صَلَاتَهَا بِالْحِرَاسَةِ، فَتَكُونُ رَكْعَتَاهَا مُتَّصِلَتَيْنِ، وَأَنَّ الْأُولَى لَا تُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَنْصَرِفَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاتِهَا إِلَى مُوَاجَهَةِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُسْعُودٍ فَإِنَّهُ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ وَقَامَ هَؤُلَاءِ أَيْ: الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا، وَقَدْ أَخَذَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَشْهَبُ وَرَجَّحَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى غَيْرِهَا بِقُوَّةِ الْإِسْنَادِ وَمُوَافَقَتِهَا لِلْأُصُولِ فِي كَوْنِ الْمَأْمُومِ يُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ.
(3) رَوَى أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَاتِ الرِّقَاعِ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعٌ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ».
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى الْآيَةِ أَيْضًا، وَكَانَتْ كَاللَّتَيْنِ ذُكِرَتَا قَبْلَهَا فِي حَالِ وُجُودِ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَفْصِيلٌ، كَأَنَّ جَابِرًا قَالَ مَا قَالَهُ لِمَنْ كَانَ يَعْرِفُ الْقِصَّةَ وَكَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ كَانَتْ تُرَاقِبُ الْعَدُوَّ فِي جِهَتِهِ عِنْدَ صَلَاةِ الْأُخْرَى، أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ ذَكَرَ مِنْ مَعْنَى حَدِيثِهِ مَا احْتِيجَ إِلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ لِلْجَمَاعَةِ وَأَرْبَعًا لِلْإِمَامِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنَ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ، وَفِي رِوَايَةِ سَهْلٍ رَكْعَةً وَاحِدَةً لِلْجَمَاعَةِ وَرَكْعَةً لِلْإِمَامِ، فَلَا فَرْقَ إِلَّا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ هَذِهِ كَانَتْ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَكَذَلِكَ الْأُولَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَانَتْ فِيهَا أَيْضًا أَوْ فَي غَزْوَةٍ مِثْلَهَا كَانَ الْعَدُوُّ فِيهَا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَلَّى بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَكَانُوا فِي مَقَامِهِمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَارَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَقَدْ أَعَلُّوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ أَسْلَمَ بَعْدَ وُقُوعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمُدَّةٍ وَأَجَابَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ عَمَّنْ صَلَّاهَا، فَيَكُونُ مُرْسَلَ صَحَابِيٍّ، وَيُؤَيِّدُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَكَوْنَهَا تَفْسِيرًا لِمَا قَبْلَهَا- مُوَافَقَتُهَا لِلْآيَةِ فَضْلَ مُوَافِقَةٍ بِتَصْرِيحِهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى قِيَامِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ كَانَتَا لَهُ نَفْلًا وَلَهَا فَرْضًا.
وَاقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَكَوْهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إِذْ لَا دَلِيلَ لِنَسْخِهِ اهـ، أَقُولُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ بِاسْتِحْبَابِ إِعَادَةِ الْفَرِيضَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَقَالُوا إِنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ، وَلَمْ يَجْزِمُوا بِأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ النَّفْلُ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ أَنْ تُحْسَبَ الثَّانِيَةُ هِيَ الْفَرِيضَةُ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ دَاخِلَةٌ فِي مَفْهُومِ الْآيَةِ، وَمُوَافِقَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِي عَدَمِ زِيَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي سَفَرِهِ، حَتَّى إِنَّ الشَّافِعِيَّةَ الَّذِينَ يُجِيزُونَ أَدَاءَ الرُّبَاعِيَّةِ تَامَّةً فِي السَّفَرِ قَالُوا: إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ كَانَتَا نَفْلًا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ مَوْصُولَةً لَكَانَ لِمُدَّعٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَدَمَ اطِّرَادِ ذَلِكَ النَّفْيِ.
(4) رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ احْتَجَّ بِهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ حَبَّانَ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِذِي قَرَدٍ- بِالتَّحْرِيكِ- وَهُوَ مَاءٌ عَلَى مَسَافَةِ لَيْلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَيْبَرَ، فَصَفَّ النَّاسَ صَفَّيْنِ؛ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينِ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا رَكْعَةً وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا، وَرَوَيَا مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ زَادِ الْمَعَادِ وَهُوَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَالْقَوْلُ بِهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي مَفْهُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَيْضًا؛ إِذْ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ أَحَدًا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَاتِ الْإِتْمَامِ: بِأَنَّ أَقَلَّ الْوَاجِبِ فِي الْخَوْفِ مَعَ السَّفَرِ رَكْعَةٌ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ صَلَاةِ السَّفَرِ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ صَلَاةَ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَلَا يَتَّجِهُ هَذَا إِلَّا بِنَقْلٍ يُعْلَمُ بِهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِبَيَانِ أَنَّ الْخَوْفَ كَانَ شَدِيدًا فِي الْغَزَوَاتِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً بِكُلِّ طَائِفَةٍ وَلَمْ تَقْضِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَيْ لَمْ تُتِمَّ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْأَعْمَالُ لَا تُعَدُّ شُرُوطًا لَهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ.
(5) رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ فَقَامَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ، وَالَّذِينَ مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ كَانَ السَّلَامُ فَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَانِ.
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ تُشَارِكُ مَا قَبْلَهَا بِكَوْنِهَا مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ الَّتِي كَانَ الْعَدُوُّ فِيهَا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَكَوْنُهَا كَانَتْ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَكَانَتْ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، وَهُنَاكَ مَكَانٌ يُسَمَّى بَطْنَ نَخْلٍ وَهُوَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتُخَالِفُهَا كُلُّهَا كَمَا تُخَالِفُ مَا أَرْشَدَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا لِلْقِيَامِ تُجَاهَ الْعَدُوِّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَتُخَالِفُ الْأَصْلَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَقْتَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ فَصَرَّحَتْ بِأَنَّهُ كَبَّرَ مَعَهُ الَّذِينَ صُفُّوا مَعَهُ قَالَتْ: كَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا مَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سَجَدُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَقَامُوا فَكَبَّرُوا ثُمَّ رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَجَدُوا مَعَهُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا فَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَكَعَ فَرَكَعُوا ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا جَمِيعًا ثُمَّ عَادَ فَسَجَدَ الثَّانِيَةَ وَسَجَدُوا مَعَهُ سَرِيعًا كَأَسْرَعِ الْإِسْرَاعِ ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَارَكَهُ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي عَنْعَنَتِهِ لَا فِي سَمَاعِهِ، وَهَذِهِ كَيْفِيَّةٌ أُخْرَى أَجْدَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهَا لِخُلُوِّهَا مِنْ ذِكْرِ الْإِحْرَامِ مَعَ عِلْمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَكَأَنَّ عَائِشَةَ أَجَابَتْ عَنْ تَرْكِ الْحِرَاسَةِ بِالْإِسْرَاعِ فِي السُّجُودِ، وَفِي النَّفْسِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَمَا أَرَى أَنَّ الشَّيْخَيْنِ تَرَكَا ذِكْرَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي صَحِيحِيهِمَا لِأَجْلِ سَنَدَيْهِمَا فَقَطْ.
(6) رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ خَلْفَهُ وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرْنَا جَمِيعًا ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَرَفَعَنَا جَمِيعًا ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الصَّفُّ الْآخَرُ فِي نَحْرِ الْعَدْوِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكَعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَفَعَنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى بَعْدَ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَقَالَ: فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ وَالْبُخَارِيُّ لَمْ يُخَرِّجْ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إِنَّ جَابِرًا صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، وَأُجِيبُ بِتَعَدُّدِ الصَّلَاةِ وَحُضُورِ جَابِرٍ فِي كُلٍّ مِنْهَا، وَعُسْفَانُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ.
وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى نَصِّ الْآيَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَاقِعَةٍ كَانَ فِيهَا الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ فَاحْتِيجَ إِلَى وُقُوفِ طَائِفَةٍ تُجَاهَهُ لِحِرَاسَةِ الْمُصَلِّينَ وَلِهَذَا اسْتَنْكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْخَامِسَةِ، وَفِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَلَّا يَسْجُدَ الصَّفَّانِ مَعًا بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْعَدُوِّ لَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ إِلَّا فِي وَقْتِ السُّجُودِ.
(7) رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [2: 239]، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَقَالَ: فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلُّوا رِجَالًا- جَمْعُ رَاجِلٍ وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الرَّاكِبَ- قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَقَالَ: «فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا»، أَيْ: يُصَلِّي كَيْفَمَا كَانَتْ حَالُهُ وَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِيمَاءً، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ صَلَاةُ النَّاسِ فُرَادَى عِنْدَ الْتِحَامِ الْقِتَالِ أَوِ الْفِرَارِ مِنَ الْخَوْفِ، لَا مِنَ الزَّحْفِ، أَوْ خَوْفِ فَوَاتِ الْعَدُوِّ عِنْدَ طَلَبِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَنْ يَطْلُبُ الْعَدُوَّ وَمَنْ يَطْلُبُهُ الْعَدُوُّ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَطْلُوبَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ يُومِئُ إِيمَاءً وَإِنْ كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ.
وَفَصَّلَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: إِلَّا أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيَخَافُ عَوْدَ الطَّلُوبِ عَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مُتَعَقَّبٌ بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوبٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ عَمَلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ عِنْدَمَا أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ إِذْ كَانَ يَجْمَعُ الْجُمُوعَ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: «فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي وَأُومِئُ إِيمَاءً»، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَأَخَذَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ مِنَ الْآيَةِ التَّالِيَةِ كَمَا يَأْتِي.
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} أَيْ: أَدَّيْتُمُوهَا وَأَتْمَمْتُمُوهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ كَمَا بَيَّنَّا لَكُمْ مِنَ الْقَصْرِ مِنْهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}، وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [2: 200]، {فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} أَيْ: اذْكُرُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ بِتَذَكُّرِ وَعْدِهِ بِنَصْرِ مَنْ يَنْصُرُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِعْدَادِ الثَّوَابِ وَالرِّضْوَانِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَهُ مَا دَامُوا مُهْتَدِينَ بِكِتَابِهِ، جَارِينَ عَلَى سُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ، وَبِأَلْسِنَتِكُمْ بِالْحَمْدِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالدُّعَاءِ، اذْكُرُوهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَكُونُونَ عَلَيْهَا مِنْ قِيَامٍ فِي الْمُسَايَفَةِ وَالْمُقَارَعَةِ، وَقُعُودٍ لِلرَّمْيِ أَوِ الْمُصَارَعَةِ، وَاضْطِجَاعٍ مِنَ الْجِرَاحِ أَوِ الْمُخَادَعَةِ، لِتَقْوَى قُلُوبُكُمْ وَتَعْلُوَ هِمَمُكُمْ، وَتَحْتَقِرُوا مَتَاعِبَ الدُّنْيَا وَمَشَاقِّهَا فِي سَبِيلِهِ فَهَذَا مِمَّا يُرْجَى بِهِ الثَّبَاتُ وَالصَّبْرُ، وَمَا يَعْقُبُهُمَا مِنَ الْفَلَاحِ وَالنَّصْرِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [8: 45].